መደመ أو الكتاب الأخضر الإثيوبي – أحمد الشريف

مَدّمَر መደመር meddemer
ما أن وصل أبي أحمد للسلطة بعد مرواغة وخداع لقيادات الأرومو، حتى أصدر كتابه الأخضر الخاص مدّمر أو  “الاندماج” ليعبر فيه بصورة تبسيطية للغاية عن تصوراته لما ينبغي أن تكون عليه إثيوبيا.
حيث يزعم أبي أحمد أن نظام الفدرالية الإثنية يقوض الوحدة والتلاحم الإثيوبي، ويعيق تقدم إثيوبيا.
ويتناول الكتاب مواضيع متنوعة سياسية واقتصادية واجتماعية تدور حول التبشير بالخير العظيم والتقدم والسلام الذي ستشهده إثيوبيا، بعد أن تتركز السلطة في العاصمة.
ورغم حبه لالتقاط الصور في مكتبه ذي المكتبة العملاقة، وميله الاستعراضي لايراد اقتباسات فلسفية عميقة خاصة في مقالاته بالانجليزية بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام 2019، رغم ذلك فأبي أحمد بصورة عامة ساذج بصورة مخجلة، ويكفي أنه تبنى شعار MEGA المحور من MAGA دوناالد ترمب، وتداول نشطاء مقطع يقدم فيه خطاب اقتصادي أمام البرلمان مقتبس من فتاة تيكتوك كينية ساخرة. إضافة لخطبته ة في البرلمان الإثيوبي التي قال فيها أن إثيوبيا ستصبح في 2050 دولة عظمى بعد أن تؤمن بهذا وفقا ل”القانون الجذب”!
على العموم لم يعد خافيا على أحد أن إثيوبيا في ظل أبي أحمد لا تسير أبدا في طريق التقدم والازدهار والسلام و”الاندماج” القومي، بل تسير في الاتجاه المعاكس تماما.
والاندماج الذي يدعوا له كتاب مدّمر يبدوا حتى الآن مجرد محاولة تذويب قسرية الهويات الإثيوبية في هوية وتاريخ قومي يخص إمبراطورية الحبشة وفق تصورات الأمهرا.
يريد أبي أن يبعث أمجاد الأباطرة وتجاهل أنها مآسي شعوب إثيوبية أخرى، ومثل كل قادة حركات التحرر وزعماء العالم الثالث الفاشلين ينطلق ذهن أبي أحمد من زعم أن إصلاح الحاضر والمستقبل يتطلب إصلاح التاريخ، وأن الوحدة المستقبلية لا يمكن أن تتحقق دون اختلاق وحدة في الماضي، مثل أساطير “الأصل الحقيقي” الذي يقول بعض مثقفي السودان ان علينا العودة له في كوش والتخلي عن (الاستلاب).
يجري أبي أحمد في مطلع يونيو انتخابات فرص كونها نزيهة منعدمة، ومع ذلك لن يشارك فيها شعب تغراي ولا اللاجئين والمهجرين داخليا جراء النزاعات العرقية التي انتظمت أجزاء واسعة من إثيوبيا في عهد “الاندماج”! وتجاوز عدد النازحين داخليا ٣ مليون إثيوبي. كل هؤلاء لن يشاركوا في جعل إثيوبيا عظيمة مجددا! إضافة لافتقاد مناطق واسعة في إقليم أورومو وبني شنقول الاستقرار والأمان وهي مناطق مناهضة لحكومة حزب الازدهار.
المؤمن بقانون الجذب هذا أصلح العلاقة مع دكتاتور أجنبي وأفسد العلاقة للأبد مع التغراي الذين تعلم السياسة على أيديهم وفي أروقة دولتهم، وأفسد العلاقة بصورة كبيرة مع الأرومو الذين وصل للسلطة عبر تضحيات ودماء شبابهم “كيرو” في احتجاجات 2014 و2016 وترك الساحة الاورومية خالية للمتطرفين الانفصاليين بعد اعتقال قادة الأرومو حلفاء الأمس.
يعد بنمو اقتصادي وتنمية عظيمة، بينما شهد عهده انكماش وتدمير للبنى التحتية ومظاهر التنمية القائمة سلفا، بعد في ذلك تدمير سدود وجسور.
أبي أحمد هو نموذج نمط تفكير “التنمية البشرية” والشعارات الجوفاء والاستعراض الأخلاقي المنافق. يتفاخر بتمكين النساءمن نصف مقاعد حكومته، ثم يجلب جيشا أجنبيا ومليشيات عنصرية لاغتصاب نساء بلاده.
على كل من يحب إثيوبيا أن يبكي على إثيوبيا، إثيوبيا التي صار لاسمها معنى عند غير الإثيوبيين أكثر مما له من معنى عند الإثيوبيين الذين يقودهم أبي أحمد وفلسفة مدّمر الساذجة إلى الانغلاق في هويات ضيقة بدرجة لم تشهدها إثيوبيا من قبل.

اترك رد